الحياء .... سنحيا بالقرآن 3







بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله 


تحدثنا سابقا عن خلق الأستقامة ما هي  وكيفية تحقيقها 
 وكيف نصبر على أمر الله وطاعته 
وتحدثنا عن الصبر وأنواعه 
وسنتحدث اليوم بإذن الله عن خلق جديد وهو خلق وشعارالإسلام وهو الحيـاء ...........


ما هو الحياء وما أهميته في حياتنا ؟ ...........


عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها فإذا رأى شيئًا يكرهه عرفناه في وجهه 

قال العلماء الحياء خلق يبعث على ترك القبيح وفعل كل مليح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق  فهو من الصفات المحمودة وهو رأس مكارم الأخلاق ...... وزينة الإيمان ........ وشعار الإسلام كما قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : إن لكل دين خلقًا وخلق الإسلام الحياء 


وقيل هو انقباض النفس عن فعل اي شيء قبيح أو إنكسار يعتري الإنسان من خوف ما يذم عليه شرعًا 
أما الحياء من أن ينكر منكرًا أو يقضي بالحق فهذا ليس من الحياء في شيء بل هو ضعف وعجز ومهانة 


فالحياء من أهم وأجلّ الأخلاق فهو يحث صاحبه على فعل الخير ويمنعه من فعل الشر 


أنواع الحياء 
1_ الحياء من الله               2_ الحياء من الملائكة 


3_ الحياء من الناس            4_ الحياء من النفس 


1_ الحياء من الله 


وهو ما كان مكتسبًا من معرفة الله عز وجل ومعرفة عظمته وقربه من عباده وإطلاعه عليهم وعلى خائنة الأعين وما تخفي الصدور 



وهذا من أعلى أنواع الحياء وأعظمها شأنًا أن تستحي من ربك في السروالعلن وأنت تعلم انه (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) بل هو من أعلى درجات الإحسان 


وهذا الحياء يمكِّن الإنسان من القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على صورة يحسن بها الأقتداء برسول الله 
قالت السيدة عائشة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل شيء لم يقل ما بال فلان يقول ؟ ولكن يقول ما بال أقوامٍ يقولون كذا وكذا 


وفيه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم استحيوا من الله حق الحياء قالوا : إنا نستحي والحمد لله فقال ليس ذلك وإنما الإستحياء من الله حق الحياء  أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك استحيا من الله حق الحياء 


فحين يستقر في نفس العبد أن الله يراه، وأنه سبحانه معه في كل حين، فإنه يستحي من الله أن يراه مقصرًا في فريضة، أو مرتكبًا لمعصية.. قال الله عز وجل: (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى)العلق:14. وقال: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) ق:16
ولله در القائل:

وإذا خـلوت بـريبــة فـي ظلمــة      والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحيي من نظر الإله وقل لها      إن الذي خلق الظلام يـراني



2_ الحياء من الملائكة 


قال بعض الصحابة: إن معكم مَن لا يفارقكم، فاستحيوا منهم، وأكرموهم.
وقد نبه سبحانه على هذا المعنى بقوله: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ)الانفطار:10- 12

قال ابن القيم رحمه الله: أي استحيوا من هؤلاء الحافظين الكرام، وأكرموهم، وأجلُّوهم أن يروا منكم ما تستحيون أن يراكم عليه مَنْ هو مثلكم، والملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، فإذا كان ابن آدم يتأذى ممن يفجر ويعصي بين يديه، وإن كان قد يعمل مثل عمله، فما الظن بإيذاء الملائكة الكرام الكاتبين؟! 

وكان أحدهم إذا خلا يقول: أهلاً بملائكة ربي.. لا أعدمكم اليوم خيرًا، خذوا على بركة الله.. ثم يذكر الله


3_ الحياء من الناس:

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: لا خير فيمن لا يستحي من الناس.
وقال مجاهد: لو أن المسلم لم يصب من أخيه إلا أن حياءه منه يمنعه من المعاصي لكفاه.
وقد نصب النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحياء حكمًا على أفعال المرء وجعله ضابطًا وميزانًا، فقال: "ما كرهت أن يراه الناس فلا تفعله إذا خلوت".

4_ الحياء من النفس

من استحيا من الناس ولم يستحِ من نفسه، فنفسه أخس عنده من غيره، فحق الإنسان إذا هم بقبيح أن يتصور أحدًا من نفسه كأنه يراه، ويكون هذا الحياء بالعفة وصيانة الخلوات وحُسن السريرة.
فإذا كبرت عند العبد نفسه فسيكون استحياؤه منها أعظم من استحيائه من غيره.
قال بعض السلف: من عمل في السر عملاً يستحيي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر.
إن الحياء تمام الكرم، وموطن الرضا، وممهِّد الثناء، وموفِّر العقل، ومعظم القدر

إني لأستر ما ذو العقــل ساتـره....من حاجةٍ وأُميتُ السر كتمانًـا
وحاجة دون أخرى قد سمحتُ بها.. ..جعلتها للتي أخفيتُ عنوانًـا
إني كأني أرى مَن لا حيـاء له.. . ..ولا أمانة وسط القــوم عريانًا



قال العلماء إن الحياء الممدوح في كلام النبي عليه الصلاة والسلام إنما يريد به الخلق الذي يحث على فعل الجميل وترك القبيح أما الضعف والعجز والهوان الذي يؤدي التقصير في شئ من حقوق الله أو حقوق عباده فليس من الحياء في شيء 


ومن هنـــا نستطيع أن ندرك قول الرسول صلى الله عليه وسلم : الحياء لا يأتي إلا بخير 


فالحياء هو حياة القلب فإن قوى القلب ونما فيه الحياء ظهر وامتد حتى شمل  أقواله وأفعاله 

فكيف تدرك عظمة الله عز وجل وتستخدم نعمه عليك في معصيته 

فإن استحى الإنسان من الله حق الحياء ظهر ذلك في جميع جوارحه ظهر الحياء في ............


اللسان : أن تستحي أن تلفظ بالقبيح من الأقوال 
العين من أن تبصر بهما ما نهاك الله عنه 
في أفعاله وأقواله فلا يسير الى معصية ولا ينتهك الحقوق ولا يستعمل نعم الله في معصيته 


والإستحياء من الله يدفعك الى فعل أوامره التي أمرك بها فتستحي أن يراك مقصرًا فيها
 فلا يراك إلا حيث امرك ويفتقدك حيث نهاك 

أقوال في الحيــــــــاء 

قال عمر رضي الله عليه: "من استحيا اختفى ومن اختفى اتقى ومن اتقى وقي " 

قال الأصمعي سمعت أعرابياً يقول: (من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه)

قال سفيان رحمه الله: الحياء أخف التقوى. ولا يخاف العبد حتى يستحي. وهل دخل أهل التقوى في التقوى إلا من الحياء.


قال المحاسبي : (المراقبة علم القلب بقرب الرب, كلما قويت المعرفة بالله قوي الحياء من قربه ونظره)


وأنشد أحدهم عند الإمام أحمد فقال:
إذا ما قال لي ربـــي أما استحيت تعصينـي
وتخفـي الذنب من خلقي وبالعصيان تأتيــني
فأمر الإمام أحمد رحمه الله بإعادتهما، ثم دخل داره وجعل يرددها وهو يبكي.



إذا لـم تَخْــشَ عاقبـة اللَّـيـالي
ولـم تَسْتَحْي فـاصنـعْ مـا تـشــاءُ
فـلا واللـه مـا فـي الْعَيْشِ خيــرٌ
ولا الدنيا إذا ذهـــب الحيـــــاءُ


جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول ويتبعون أحسنه ورزقنا الله وإياكم كمال الحياء والخشية وختم لنا ولكم بخير..




تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
abuiyad